تحية لأهل غزة في البقاع الغربي.
جئتُكم من بلاد جبيل، بلادِ العيشِ المشترك، لنعانقَ معاً فَرحَةَ الشعب السوري الشقيق بسقوط الطاغية بشار الاسد في سوريا وتحريرِ أهلِها من نظامٍ قاتِل دام منذ العام 1970 حتى العام 2025.
فرحَةُ الشعب السوري هي فَرحَتُنا كلبنانيين، لأن هذا النظام "تخّصّصَ" في قمعِ ثلاثةِ شعوبٍ دفعةً واحدة: السوري واللبناني والفلسطيني، واستخدم هذه الشعوب "ورقةً" للمتاجرة والمبارزة في لعبةِ الأمم في هذه المنطقة. ولعل الرئيس السوري الجديد لم يبتعد عن الواقعِ والحقيقية حين سمعناه يقول: "يبدو ان نتنياهو قد أسِفَ كثيراً على سقوط بشار الأسد" – قال ذلك حين رآى الجيش الاسرائيلي يدكُّ المواقعَ العسكرية والحيوية السورية، وصولا إلى محيط القصر الجمهوري!
1- في البداية، منع النظامُ السوري أهلَ لبنان من التلاقي بعد الحرب، واعتمد سياسةَ "فرّق تسُد" على كل المستويات، حتى أصبحت كل طائفة أو جماعة تعيشُ لوحدها وتحاولُ حلّ مشاكلِها من خلال ارتباطها المنفرد مع سوريا.
هكذا عمِلت سوريا الاسد على تخويف اللبنانيين من بعضهم البعض وقدّمت نفسها حكماً بينهم كي تتمكّنّ من الامساك بمصالحهم وعيشهم.
شهِد العام 2000 سلسلة أحداثٍ ومتغيرات ساعدت على الانتقالِ من مرحلةٍ إلى أخرى:
عندها تلاقينا مع وليد جنبلاط داخلَ مجلسِ النواب وفي مصالحة الجبل 2 آب 2001. بعدها تطورت الاحداث، واجتاح الاميركيّون العراق، واغتيلَ أبو عمّار، وأُعدِم صدام حسين واستُشهِد الرئيس رفيق الحريري في بيروت 2005.
مع استشهاد الحريري 14 شباط 2005 انطلقت أجمل وأكبر انتفاضة سلميّة في العالم العربي (انتفاضة 14 آذار)، وأدّت فاعليتَها إلى كسرِ بشار الاسد وإجبارِه على مغادرةِ لبنان على رأس 40 ألف جندي سوري.
2- عند انطلاق الثورة السورية عام 2011، تضامنّا فوراً وواجهنا من كان في البيئة المسيحية يدعمُ نظامَ الاسد بحجّة الخوفِ من بروز تياراتٍ إسلامية، كما واجهنا حزب الله الذي دخلَ سوريا وحاربَ من أجل بقاء الأسد.
كسرنا حصار وادي خالد بوفدٍ من قوى 14 آذار في 130 سيارة، ودخلنا عرسال بوفد مماثل دفاعاً عن كرامة قرى وبلدات أُلصِقت بها تُهم الارهاب.
تضامنّا وتلاقينا مع معارضين سوريين هنا وفي الخارج، وناضلنا لدى دوائر القرار مطالبين إلى جانب إخوتنا السوريين بالحرية للشعب السوري العظيم، حتى استجاب لنا القدر في 8-12-2024 وسقط المجرم.
صعدنا إلى الشام منذ سنة، وزرنا كنيسةَ الموارنة في باب توما والجامع الأموي على رأس وفدٍ من لقاء سيدة الجبل، ضمّ شخصيات مسيحية ومسلمة. وها نحن نحتفل اليوم بالسنة الأولى للنصر المشترك.
أيها الرفاق،
من غزّة، ولأننا شركاءً بالنضالِ والانتصار، وحرصاً منّا على حُسن العلاقة بيننا وبين سوريا الجديدة، نُعلن ما يلي:
أيها الإخوة،
من عنّايا حيث صلّى البابا لاوون أمام قبر رجلٍ فقير ومتواضع، إلى البقاع الرحب:
"طوبى لفاعلي السلام لأنهم أبناء الله يُدعَون".